علي مدى العقود القليلة الماضية، ظهرت الكثير من الأبحاث والدراسات التي تناقش ما يسمى بتجربة الاقتراب من الموت، وهي تجربة غامضة تعرض لها الكثيرون ممن أصيبوا بالسكتة القلبية، أو ماتوا سريرياً، أو تعرضوا للغرق أو الاختناق إلى آخره من الحوادث التي كادت أن تنهي حياتهم. وتحدث هذه التجربة بموت الدماغ وتوقفه عن العمل، ومن ثم خروج الجسد الأثيري وتحرره من الجسد الفيزيائي،
بمعنى أن يخرج المريض من جسده الفيزيائي ويحلق كطيف غير مرئي أو كما يعرف بجسده الأثيري لينتقل إلى عالم ذو أبعاد أخرى، يرى فيه ما لا يمكن أن يراه في حياته، فيمر في بداية رحلته بنفق مظلم للغاية ينتهي بنور ساطع شديد، وقد يلتقي خلال رحلته بأشخاص متوفين ويتحدث إليهم.
وبالرغم من موت الدماغ وتوقفه عن العمل، إلا أن المريض يظل واعياً يسمع ويرى كل ما يحدث حوله، وهو الأمر الذي أدهش العلماء، فمظعم من عاشوا هذه التجربة كانوا يشاهدون ويسمعون كل ما يحدث حولهم بالرغم من موت أدمغتهم. ولا تخرج هذه الرحلة الغامضة عن هذا النمط، حيث تشترك في مجموعة من الرؤى التي لا تتغير؛ النفق المظلم الذي ينتهي بنور ساطع، مقابلة الموتى والتحدث إليهم، مشاهدة حيوانات ونباتات وكائنات حية مختلفة،
حالة كاملة من الوعي، القدرة على رؤية الأشياء بأبعاد مختلفة تتجاوز قدرتنا نحن البشر، وأيضاً مشاهدة حياتهم كاملة في لقطات سريعة وبشكل بانورامي، وما نلاحظه هنا هو أن العناصر واحدة في كافة التجارب باختلاف ثقافة أصحابها وديانتهم. وقصص تجارب الموت لا تحصى، قد تختلف في طريقة السرد وتفسير كل شخص لما مر به، لكن تبقى عناصر التجربة واحدة والدلائل واحدة.
هنا سأضع بين أيديكم بعض القصص التي خضعت للدراسات والأبحاث المتخصصة في كشف سر هذه الظاهرة الغامضة..الدكتور إيبين ألكسندر وهو مؤلف كتاب Living In Mindful Universe يروي رحلة جراح الأعصاب في قلب الوعي، ويتحدث عن كيف كان في غيبوبة لمدة أسبوع في عام 2008 قبل أن يقول له أطباؤه إنه سيموت. وخلال الأيام السبعة، سقط في أعماق مجالات الوعي، وجاء لفهم الحقائق العميقة حول الكون الذي نعيش فيه. وفي كتابه، نشر مع كارين نيويل في عام 2017، وقال: "كنت في غيبوبة لمدة أسبوع، أعاني من التهاب السحايا وعدوى في الدماغ وبعد أسبوع، أخبر أطبائي أسرتي أن الوقت قد حان لي أن أموت ".
كان عمره 63 عاماً وضع على جهاز التنفس الصناعي، ووصف كيف "جاء ضوء ببطء من فوق" وأضاف: "كان كيان دائري، ينبعث منه موسيقى كثيفة دعوتها غزل اللحن. وأنتشر ضوء مثل مزق وشعرت بنفسي من خلال هذا المزق أصل إلى وادي به خضرة خصبة، حيث الشلالات متوهجة في أحواض الكريستال وكانت هناك غيوم من الوردي والأبيض. وخلفها، كانت السماء غنية زرقاء الظهر، مع الأشجار والحقول والحيوانات والناس" وتابع الدكتور إيبين: "كان هناك ماء أيضاً يتدفق في الأنهار أو يتساقط كالمطر. وارتفعت الرواسب من الأسطح النابضة لهذه المياه والأسماك المغطاة أسفلها" ..
يعمل الدكتور إيبين كعالم وجراح أعصاب وأكاديمي يدرس علم الدماغ في كلية الطب بجامعة هارفارد، ويعتقد أن الأدلة على الآخرة آخذة في الأزدياد. وأضاف: "إن الأدلة على التجارب شبه الوشيكة هائلة. لكن الدليل على كيفية حدوثها غير موجود تقريبا ". وقد تحدث الدكتور إيبين الكسندر عن حياته بعد تجربة الموت في كتابه. وفي الوقت نفسه، فإن مؤسسة أبحاث تجربة الموت القريب قامت بجمع حكايات الناس المدهشة من الآخرة .
ووصف الدكتور سام بارنيا لحظة الموت بأنها عملية "سلمية" و"ممتعة" . وكشفت دراسة رائدة أيضاً أن عقل الشخص يستمر في العمل بعد أن ماتوا مما يساعدهم على التعرف على خبر موتهم .. يتابع العلماء أبحاثهم في تجارب الأقتراب من الموت ولازلنا لانعلم هل تلك الرؤي للعائدون من الموت هي رؤي حقيقيه أم وهميه تتحكم بها مادة DMT التي يفرزها المخ لحظة الوفاة ..