الاكتشاف المثير للجدل: أسطورة أميرة تيسول مومياء عمرها 800 مليون عام !
الاكتشاف المثير للجدل: أسطورة أميرة تيسول مومياء عمرها 800 مليون عام !
فى رحلة قطار غامضة إلى موسكو، التقى الصحفى ( أوليغ كوليشكين ،Oleg Koleshkin) عام 2002 بعقيد متقاعد من الـKGB حيث كشف له عن واحدة من أكثر القصص إثارة للجدل فى التاريخ السوفيتى ، والتى كانت تتعلق باكتشاف مومياء غامضة فى قرية (رزهافتشيك ، Rzhavchik) بمنطقة (تيسولسكى ، Tisulsky) عام 1969، وهى مومياء ادعى العمال أنها وجدت فى طبقة صخرية تعود إلى (العصر الكربونى ، Carboniferous Period) قبل حوالى 800 مليون عام .
التابوت الغامض والسائل الغريب
لقد وصف (كوليشكين) التابوت بأنه مصنوع من مادة شبيهة بالخزف ومملوء بسائل أزرق مائل للوردى وبداخله، كانت ترقد جثة امرأة بطول 180 سم، ذات ملامح أوروبية نقية وعينين زرقاوين واسعتين ، والأكثر إثارة أن الجثة بدت وكأنها نائمة، مع بشرة ناعمة وشعر كامل، رغم الادعاء بأن عمرها الجيولوجى يتجاوز مئات الملايين من السنين ، كما وجد تحت رأس المرأة صندوق معدنى غامض بأبعاد (25×10 سم) ، ولم يكشف قط عن محتوياته، مما أضاف طبقة أخرى من الغموض على القصة ، وفى لحظة مأساوية، حاول أحد العمال تذوق السائل المحيط بالجثة، ليتوفى بعد ذلك فى ظروف غامضة دون أى سبب واضح ، وبعد فترة وجيزة من الاكتشاف، وصلت طائرة هليكوبتر عسكرية لنقل التابوت والجثة إلى مكان مجهول ، وبعد خمسة أيام، ألقى أستاذ من (نوفوسيبيرسك ، Novosibirsk) محاضرة سرية ذكر فيها أن هذا الاكتشاف سوف يهز أسس علم الحفريات ونظرية التطور ، والتاريخ المكتوب أيضاً.
نصب تذكاري عن اميرة تيسول
فى عام 2007، حاول الصحفى (رومان يانتشينكو ، Roman Yantchenko) من جريدة (سيبدبو ، Sibdepo) التحقق من القصة، و بعد بحث مطول، تبين عدم وجود سجلات رسمية أو صور فوتوغرافية تثبت صحة الاكتشاف ، أيضاً ، الشهود الوحيدون الذين تحدثوا عن الحادثة اختلفت رواياتهم بشكل كبير ، كما أن بعض التقارير تشير إلى موت ستة من الشهود فى حوادث غامضة خلال عام واحد
الادعاءات عن توابيت أخرى فى منطقة تيسول
حقيقة أم إشاعة ؟
بحسب الروايات المتداولة فى الأوساط المؤمنة بأسطورة أميرة تيسول، هناك عدة تقارير غير مؤكدة تشير إلى اكتشافات متعددة حيث
يزعم أن عمال المناجم عثروا على ما لا يقل عن 3-5 توابيت مماثلة فى نفس المنطقة بين (1969-1973) ، و إحدى الروايات تتحدث عن تابوت آخر يحتوى على جثة رجل بطول 2.5 متر بملامح غير بشرية ، كما أن جميع التوابيت المزعومة كانت تحتوى على نفس السائل الأزرق الوردى ، ويقال أن بعضها احتوى على أجهزة غامضة تشبه الأدوات المعدنية ، ووفقاً للمؤمنين بالنظرية، فقد تم إنشاء منطقة عسكرية مغلقة حول الموقع كما إستخرج العلماء العسكريين
بعض المواد البيولوجية والتكنولوجية من الموقع
وبالمثل لا توجد صور أو عينات علمية مسجلة
ولا وجود لتقارير جيولوجية رسمية من المنطقة تؤيد هذه الإدعاءات ، كما أن الروايات تخلط بين فترات اكتشاف مختلفة ، كما ذكرت بعض المصادر أن التوابيت وجدت فى طبقات جيولوجية مختلفة الأعمار .
عند مقارنة هذه القصص مع أشهر المومياوات المحفوظة فى العالم مثل (مومياء شين تشوى ، Xin Zhui) أو (ماركيزة داى ، Lady Dai) التى تعود إلى 163 قبل الميلاد، نجد أن ، أفضل التقنيات القديمة فى التحنيط حافظت على الجثث لآلاف السنين، وليس لملايين السنين كما أكد الجيولوجيون استحالة حفظ مواد عضوية لملايين السنين بهذه الحالة ، وأشار علماء الآثار إلى أن المنطقة لم تسجل أى اكتشافات غير عادية فى السجلات الرسمية ، كما إن الطبقات الجيولوجية التى زُعم العثور فيها على تلك الاكتشافات تعود إلى زمن لم يكن البشر قد ظهروا على الأرض من الأساس .
بعض النظريات التى تفسر الغموض
- نظرية الخطأ فى التأريخ (Dating Error Theory) :
ربما كان التابوت يعود لفترة أحدث بكثير، وحدث خلط فى تحديد الطبقة الجيولوجية.
- نظرية الخدعة الإعلامية (Media Hoax Theory) :
قد تكون القصة من صنع صحفيين لخلق ضجة إعلامية فى فترة ما بعد الاتحاد السوفيتى .
- نظرية المؤامرة (Conspiracy Theory) :
يعتقد بعض الباحثين أن الحكومة السوفيتية أخفت الاكتشاف لأنه يهدد النموذج العلمى السائد (scientific paradigm).
- نظرية الكائنات الفضائية (Ancient Astronauts Theory) :
يربطها بعض المؤمنين بنظريات ( الأنوناكى، Annunaki) أو الزوار القدامى من الفضاء.
وفى تحقيقه الشامل، يخلص الباحث (خوسيه أنطونيو جالان ، José Antonio Galán) إلى أن القصة تفتقر إلى أدلة مادية قاطعة، حيث الروايات المتداولة تحتوى على تناقضات كبيرة
أيضاً ، المنطقة معروفة بأساطيرها عن وجود كائنات غامضة عملاقة وحضارات مفقودة
كما أن لأحداث تتوافق مع نمط الأساطير الحضرية الحديثة ، وفى النهاية ، تبقى قصة أميرة تيسول واحدة من أكثر الألغاز إثارة فى التاريخ الحديث، إلا أن غياب الأدلة المادية يجعلها أقرب إلى الأسطورة ( myth ) منها إلى الحقيقة العلمية، ومع ذلك، تظل القصة نموذجاً مثيراً لدراسه كيفية تشكل الأساطير المعاصرة ، و تفاعل العلم مع الغموض ، أيضاً دور نظريات المؤامرة فى تشكيل الوعى الجمعى ، واليوم، يمكن اعتبار أميرة تيسول أيقونة ثقافية تمثل نقطة التقاء بين العلم والخيال، وبين الحقيقة والأسطورة ، ولعل هذا بالتحديد هو ما يجعلها قصة تستحق الرواية، رغم كل الشكوك التي تحيط بها.